تعد قوانين العمل الخاصة بالوافدين جزءًا حيويًا من منظومة سوق العمل في العديد من الدول الخليجية، مثل المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين. يجذب كل من البلدين العمالة الوافدة من جنسيات مختلفة للعمل في مختلف القطاعات، ويعتمد كل منهما على قوانين وأنظمة لتيسير توظيف العمال وتنظيم أوضاعهم بما يضمن حقوقهم. في هذا المقال، سنعرض مقارنة شاملة بين قوانين العمل للمقيمين الوافدين في السعودية والبحرين، مع التركيز على استقدام أسر الوافدين، ونوضح الاختلافات والتشابهات بين النظامين.
1. العقود والتوظيف
يعتبر العقد من أهم العناصر في العلاقة بين العامل وصاحب العمل، وتختلف الأنظمة بين السعودية والبحرين في بعض التفاصيل المتعلقة بالعقود والتوظيف.
- السعودية: يتطلب قانون العمل السعودي أن يكون للوافد عقد عمل موثق. منذ تطبيق الإصلاحات في نظام العمل، أصبح من الممكن للوافد تغيير صاحب العمل دون الحاجة لموافقة الكفيل، وفقًا لشروط محددة. يتم توثيق العقد عبر منصات إلكترونية مثل "مدد" أو "قوى"، ويجب أن يكون العقد محدد المدة إذا كان العامل غير سعودي.
- البحرين: في البحرين، يمكن للعامل الوافد أن يكون لديه عقد عمل محدد أو غير محدد المدة، وهذا يتيح مزيدًا من المرونة. كما يجب على صاحب العمل تسجيل عقد العمل لدى هيئة تنظيم سوق العمل، وهي الهيئة المعنية بمراقبة وتنظيم سوق العمل في البحرين.
- التشابهات: في كلا البلدين، يكون عقد العمل الوثيقة الرسمية التي تنظم علاقة العمل بين الموظف وصاحب العمل، ويجب أن يتفق مع الأنظمة المحلية.
- الاختلافات: البحرين توفر مرونة أكبر في نوعية العقد، حيث يُسمح بتوقيع عقود غير محددة المدة، بينما تركز السعودية أكثر على عقود محددة المدة بالنسبة للعمالة الوافدة.
2. نظام الكفالة ونقل الإقامة
كان نظام الكفالة أحد السمات البارزة للعمالة الوافدة في الدول الخليجية، ولكنه شهد إصلاحات في السنوات الأخيرة، بما في ذلك في السعودية والبحرين.
- السعودية: في المملكة، تم تطبيق إصلاحات شاملة على نظام الكفالة في عام 2021، حيث أصبح بإمكان العمالة الوافدة تغيير صاحب العمل دون الحاجة لموافقة الكفيل، بشرط استيفاء بعض الشروط المحددة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية. يمكن للوافد نقل إقامته إلى صاحب عمل جديد بشكل أسرع وبدون إجراءات معقدة مقارنة بما كان عليه الوضع في الماضي.
- البحرين: في البحرين، يعتبر نظام الكفالة أكثر مرونة من نظيره السعودي، إذ يمكن للوافد نقل كفالته بسهولة نسبية بعد إبلاغ صاحب العمل، وبدون الحاجة لإجراءات معقدة، ما يتيح للعمال الوافدين تحركًا أكبر ضمن سوق العمل.
- التشابهات: في كل من السعودية والبحرين، كان نظام الكفالة قديمًا يشمل قيودًا على حرية الوافد في تغيير صاحب العمل، ولكن تم إجراء تغييرات لتوفير مزيد من الحرية للعمالة الوافدة.
- الاختلافات: الإصلاحات في السعودية أُدخلت بشكل تدريجي ومتضمنة ضوابط معينة، بينما البحرين طبقت تغييرات واسعة النطاق منذ البداية، مما جعل النظام أكثر مرونة.
3. ساعات العمل والإجازات
تنظم قوانين العمل في كلا البلدين ساعات العمل الأسبوعية والإجازات السنوية التي يجب أن يتمتع بها الوافدون، مع بعض الاختلافات البسيطة.
- السعودية: في السعودية، يتم تحديد ساعات العمل الرسمية بـ48 ساعة في الأسبوع. ومع بداية شهر رمضان، تُخفض ساعات العمل للمسلمين إلى 36 ساعة أسبوعيًا. أما بالنسبة للإجازة السنوية، فالقانون السعودي ينص على أن العامل يحق له إجازة مدفوعة الأجر لمدة لا تقل عن 21 يومًا سنويًا، وترتفع إلى 30 يومًا بعد خمس سنوات من الخدمة.
- البحرين: في البحرين، يتم تحديد ساعات العمل الرسمية أيضًا بـ48 ساعة أسبوعيًا، وتنخفض إلى 36 ساعة في رمضان. كما ينص قانون العمل البحريني على أن الإجازة السنوية يجب ألا تقل عن 30 يومًا في السنة.
- التشابهات: في كل من السعودية والبحرين، ساعات العمل الأساسية هي 48 ساعة أسبوعيًا، مع تقليصها في رمضان. كما أن العمال في كلا البلدين يحق لهم إجازة سنوية مدفوعة الأجر.
- الاختلافات: بينما يحدد القانون السعودي إجازة سنوية تبدأ من 21 يومًا وترتفع إلى 30 يومًا بعد خمس سنوات، يحدد القانون البحريني إجازة سنوية ثابتة لا تقل عن 30 يومًا.
4. إنهاء الخدمة والتعويضات
تعتبر قوانين إنهاء الخدمة والتعويضات من النقاط الأساسية في علاقات العمل، وتختلف بشكل طفيف بين السعودية والبحرين.
- السعودية: في حال إنهاء عقد العمل، يتعين على صاحب العمل دفع تعويض نهاية الخدمة، ويعتمد هذا التعويض على مدة الخدمة. يحصل العامل على نصف راتب شهري عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى، وراتب كامل عن كل سنة بعد ذلك.
- البحرين: يحصل العامل في البحرين على تعويض نهاية الخدمة إذا كان قد أمضى عامًا على الأقل في العمل. يتم احتساب التعويض بناءً على نصف راتب شهري عن كل سنة في السنوات الثلاث الأولى، وراتب كامل عن كل سنة بعد ذلك.
- التشابهات: في كلا البلدين، يُلزم صاحب العمل بدفع تعويض نهاية الخدمة إذا تم إنهاء العقد.
- الاختلافات: بينما يحتسب تعويض نهاية الخدمة في السعودية بناءً على سنوات العمل بشكل تدريجي، يحتسب في البحرين حسب المدة الإجمالية مع تحديدها لعام واحد على الأقل.
5. استقدام أسر الوافدين
تعتبر عملية استقدام أسر الوافدين من الأمور التي تهم الكثير من العمالة الوافدة، حيث يحق لهم استقدام أفراد أسرهم للعيش معهم وفقًا للأنظمة المعمول بها.
- السعودية: يحق للوافد استقدام أسرته (الزوجة والأبناء) بشرط أن يكون لديه وظيفة محددة ضمن الفئات المسموح لها باستقدام الأسرة (مثل الأطباء والمهندسين والمعلمين). يجب أن يكون راتب الوافد لا يقل عن مبلغ معين، ويتم تقديم الطلب عبر منصة "أبشر" أو "قوى"، مع دفع الرسوم اللازمة لإصدار تأشيرات الإقامة العائلية.
- البحرين: يمكن للوافدين في البحرين استقدام أسرهم إذا كانوا يمتلكون تصريح إقامة ساريًا وكان لديهم دخل كافٍ لإعالة الأسرة. يشمل التقديم تقديم وثائق مثل عقد الزواج وشهادات ميلاد الأبناء، ويجب دفع رسوم إصدار التأشيرات. ولكن التأمين الصحي الإلزامي لا يشمل أسر الوافدين، ويجب عليهم الاشتراك في تأمين صحي خاص.
- التشابهات: في كلا البلدين، يتعين على الوافد تقديم وثائق رسمية وشهادات لإثبات العلاقة الأسرية، مثل عقد الزواج وشهادات ميلاد الأبناء.
- الاختلافات: تختلف قوانين التأمين الصحي بين البلدين، حيث توفر السعودية تأمينًا صحيًا إلزاميًا للمقيمين وأسرهم، بينما يتعين على الأسر في البحرين الاشتراك في تأمين صحي خاص.
الخلاصة
تتمثل الفروق الأساسية بين قوانين العمل للمقيمين الوافدين في السعودية والبحرين في مرونة نظام الكفالة، وشروط استقدام الأسرة، وساعات العمل والإجازات، وكذلك نظام تعويضات نهاية الخدمة. بينما تتشابه الأنظمة في العديد من الجوانب، مثل ساعات العمل والإجازات، فإن البحرين توفر مرونة أكبر في نقل الكفالة واستقدام الأسرة. من ناحية أخرى، تشهد السعودية تقدمًا تدريجيًا نحو مزيد من الحرية للعمالة الوافدة، مع التزامها بحماية حقوق الوافدين عبر تأمين صحي شامل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق