الخميس، 6 ديسمبر 2018

ما بين الشيخ محمد الوقاد الشندويلي والدكتور أسامة الأزهري


أما الأول فهو الشيخ الصالح/ محمد إسماعيل الوقاد (رحمه الله) كان رجلا فلاحا، أميا، لم يتعلم القراءة والكتابة، ولم يلتحق بأي من مؤسسات التعليم في حياته، غير أن نشأته في شندويل وصحبته لعلمائها كونت لديه قدرا كبيرا من العلم بالفقه، فببركة ملازمته للشيخ علي عتمان (رحمه الله) [أحد كبار علماء شندويل] حفظ حاشية الصفتي على متن العشماوية في الفقه المالكي، وألمّ بكتاب الشرح الصغير للعلامة الشيخ سيدي أحمد الدردير المالكي، كل ذلك أخذه تليقنا من فم الشيخ مسألة مسـألة. 

وأما الشيخ الدكتور أسامه السيد الأزهري، فهو شيخنا، ودرة زماننا، وهو غني عن التعريف. 

وقد حدث يوما أن كان الشيخ أسامة –وهو طالب- عائدا من معهد شندويل إلى قريتهم؛ فإذا بالشيخ محمد إسماعيل الوقاد مقبل على حماره، فاستوقف الشيخ أسامة وسأله: ماذا تدرس في الأزهر؟ فأجب الشيخ أسامه: أدرس الفقه والتفسير والحديث والعقيدة، فقال له الشيخ الوقاد، إذن فلتجب عن هذا اللغز الفقهي: 

قل للفقيه ولا تخجلك هيبته ****** شيء من المخرج المعتاد قد عرضا 
فأوجب القطع واستنجى المصلي له ****** لكن به الطهر يا مولاي ما انتقضا؟

قال الشيخ أسامة: فلم أعرف الإجابة، وانصرفت، غير أن السؤال علق بذهني، ولم يزل حاضرا حتى وقفت بعد سنوات على حاشية الصفتي على العشماوية، فوجدت السؤال (وهو من نظم العلامة الأمير المالكي) وإجباته ( وهي من نظم العلامة الصفتي) ففرحت فرحا شديدا.

ثم حدث أن التقى الشيخ أسامه بالشيخ إسماعيل الوقاد مرة أخرى أيام طلبه للعلم في منازل آل الوقاد، فقال للشيخ إسماعيل: فضيلتكم سألتني سؤال في الطريق منذ سنوات وأنا عرفت إجابة السؤال، وتلا عليه ما نظمه العلامة الصفتي في الإجابة، قائلا: 
حمدا لربي، وشكرا، والصلاة على **** محمد، مَن لجيش الكفر قد قرضا
جواب هذا: الحصى والدود إن خرجا **** مع بلة كثرت، قد زال ما غمضا. 

فضحك الشيخ إسماعيل الوقاد، وقال: يبقى انت لقيت حاشية الصفتي!!!. 

وقد لازم الشيخ أسامة الشيخ إسماعيل بعد ذلك وهو يومها قد جاوز التسعين من عمره، واستفاد من علمه، وهو يذكره بين مشايخه الذين أخذ عنهم العلم في صباه.
يقول الشيخ أسامة عن شيخه(أما شيوخي في الدراية فقد لزمتُ في صباي الشيخ الصالح محمد إسماعيل وقَّاد الشندويلي، وكان رجلا صالحًا معمرًا، قارب التسعين من العمر أو جاوزها، يحفظ «حاشية الصفتي على العشماوية»، ويلم بـ«الشرح الصغير» لسيدي أحمد الدردير، فانتفعت به وبصلاحه، وحفظت من لسانه فوائد ومسائل من تلك الحاشية، وكان هو قد لزم العلامة الشيخ علي عتمان-بالتاء المثناة الفوقية-، الملقب في تلك النواحي بـ: «مالك الصغير»، وهو الذي لقنه حاشية الصفتي مسألة مسألة، وقد انتفعت بالشيخ المذكور، وبصلاحه وبركته وفضله)..

[أروي أصل ذلك عن الشيخ أسامة السيد الأزهري، وقد سمعت هذا القصة منه مرارا]

بقلم الباحث في العلوم الأسلامية 
مختار محمد علي أبو شافعين الأنصاري 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق