من أهم عادات أهالي قرية شندويل البلد مركز المراغة تأدية واجب العزاء فيقيم أهل المتوفي سرادق لتلقي العزاء فيه سواء بديوان العائلة أو بنصب سرادق لتلقي الواجب فلهذا الواجب قدسية خاصة في نفوس أهالي شندويل إلى أن أنتشار فكر سلفي يقول ( العزاء على المقابر ولا عزاء للسيدات) ، فأنقسم أهالي القرية والعائلة الواحدة إلى مؤيد ومعارض فمنهم من يتلقى العزاء فقط على المقابر دون نصب سرادق خاص للعزاء وفق لهذه الدعوة ومنهم من تمسك بالعادات الموروثة ثم لوحظ أن من التزموا بالعزاء على المقابر يتلقون العزاء في بيوتهم بعد الدفن وفي الغالب لا تكون مؤهلة لاستقبال الكم الغفير من المعزين كما أنهم يؤدون واجب العزاء في سرادقات العزاء التي مازالت تقام بالقرية وفي ذلك ما يخلف المبدأ والمعتقد من الأساس❗وعاد النقاش من جديد ليتفجر حول مدى صحة قول ( العزاء على المقابر ولا عزاء للسيدات ) .
لذلك نقدم لحضراتكم سلسلة من المقالات لأبن شندويل البحث في الشؤون الإسلامية مختار محمد على صالحين ابوشافعين الأنصاري لاقت قبولا واسعا لين أبناء قرية شندويل تناقش هذه آل أشكالية.
(مقال ١)
كيف يقال في شندويل (لا عزاء للسيدات)؟!
..........................................
كيف؟... والعزاء بإجماع العلماء سنة مستحبة مندوب إليها.
كيف؟... والمرأة مخاطبة بأحكام الشريعة كالرجل فمندوب في حقها أن تعزي غيرها.
كيف؟.... والفقيه مطالب بأن يسهل للناس القيام بالعبادة وليس إليه كفهم عنها.
كيف؟....وليس لنا أن نقول بما يكر على مقاصد الشريعة بالبطلان، ومن مقاصدها نشر المودة والرحمة والترابط والتواصل والمواساة.
كيف؟ .... والإبقاء على التعزية مع رفع التكلفة المالية ودفع المخالفات النسائية ممكن بأن نستحدث طريقة لأداء سنة العزاء يمنع فيها الجلوس عند أهل الميت فتعزي المرأة من على الباب ثم تنصرف مباشرة. وﻻ أدري ما المفسدة في ذلك.
كيف؟..... وليس من الفقه أن نسد الذريعة إلى المفسدة بإلغاء السنة متى أمكن تجنب المفسدة والإبقاء علي المصلحة الشرعية وإقامة السنة المرعية.
كيف؟.... والواجب أن نكثر أعداد المعزين القائمين بالسنة لا أن نقللهم ونغلق في وجوهم كل باب للقيام بها، وقد كان المعزون في شندويل يصلون إلى (20 ألف معزي) فإذا بهم الأن لا يبلغون 100.
(مقال ٢)
في مجالس التعزية بشنويل تعلمنا:
- تعلمنا تقدير الكبار، فنقف لقدومهم ولا نجلس إلا بعد جلوسهم.
- تعلمنا الاحترام فلا نسبق في المسير من هو أكبر منا سنا ولو بيوم.
- تعلمنا جبر خواطر الناس وأن تعزيتهم اسمها (الواجب) ويالا عظمة هذه الكلمة.
- تعلمنا أن نجلس وأبصارنا وأسماعنا لكبارنا، فنهب لخدمتهم ولو بإشارة أو إيحاء (فواعجبا)
- تعلمنا بذل كل ما نستطيع من أساليب الحفاوة للضيف.
- تعلمنا شكر من أسدى إلينا خيرا، فلا نكف عن قول (شكر الله سعيكم).
(كانت مجالس التعزية محاضن للتربية وفيها بنيت الأجيال وصنعت الرجال).
(مقال٣)
على هامش مقالاتي السابقة عن العزاء في شندويل
اردت أن أشد أذهان الناس إلى مراكز اﻻعتدال والوسطية، فقد اتفق المشايخ وارتضت بعض العائلات منذ سنوات أن يظل العزاء قائما في القرية، وأن يكون على المقابر مراعاة للظروف،،، لكن يبدو أن السفينة قد انحرفت بشدة، في حين سنة من أهلها.
- فقد أصبحنا ندعوا جهارا نهارا إلى ترك سنة التعزية وكأنها عادة وليست عبادة، فننادي (ﻻ عزاء للسيدات) والحقيقة أن المرأة كالرجل مكلفة بالتعزية شرعا.
- وأصبحنا نغلق في وجه من لم يشهد الجنازة كل باب فننادي (ﻻ مجلس بعد الدفن) ولا أدري أين يعزي؟؟ هل يذهب إلى منزل أهل المتوفى ومنزلهم لا يصلح لاستقباله، أم يهيم على وجهه في الأزقة باحثا عنهم، أم يكف عن التعزية؟!.
- وأصبح عدد المعزين على المقابر ﻻ يتجاوز نسبة (10%) ممن يحضرون الجنازة، بمتوسط (50 شخصا) ونحن قرية كان عدد المعزين فيها يتجاوز ال (20,000 معزي).
- أن الحرج ما زال واقعا على أهل المتوفى فقد اضطر الناس لفتح مناضرالمنازل وهي لا تتسع لاستقبال أحد، وغالبا ما تكون غير مهيأة، وبالتالي أصبح لسان حال أهل المتوفى يقول (يا ناس أرجوكم لا تعزونا).
- لم يتحقق ما توهمناه من قبل من إمكان العزاء في الطرقات، فلم يحدث أن رجلا جاء من شرق البلد إلى غربها ليصادف شخصا ليعزيه، ولم يحدث أبدا أن وفد عائلة اجتمع في شارع ليعزي رجلا أعلن أن العزاء على المقابر، بل الواقع أن العائلات أصبحت لا تعزي من يعلن أن العزاء على المقابر، وبالأمس كان الرجل الفقير يلقى تقديرا من أكابر شخصيات البلد والبلدان مما كان يشعره بالانتماء والكرامة والحب والتقدير.... والآن لا أحد يسأل في كرامته، فليدفن ميته وليزم بيته.
- نسينا أو تناسينا الحكمة الشرعية من العزاء وهي تطييب الخاطر، وتسكين القلب، وتضميد الجرح، والشفقة بالمصاب، والإحساس بهموم الناس، فاعتنينا فقط بتوفير الماديات... ولتحترق القلوب ولتجف المشاعر.
وما سبق يعني وبوضوح أن كلمة (العزاء على المقابر) أصبحت تعني ( لاعزاء) وترادف (إلغاء العزاء)
وما أرجوه ممن تصدروا لوضع هذا النظام من قبل وممن أخذوا به هو الاجتماع من جديد والتشاور لتصحيح المسار ووضع نظام جديد يعالج سلبيات قصر العزاء على المقابر ويضمن استمرار فوائد العزاء الدينية والاجتماعية التي كادت أن تموت، وذلك من خلال الحوار المتأني الموسع وسماع الحلول المقترحة من الفقير قبل الغني، وعدم الانفراد بالرأي، ومراعاة ما يأتي:
1. عدم التضحية بسنة العزاء كعبادة شرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة، إلا كساه الله سبحانه من حلل الكرامة يوم القيامة) والعمل على تكثير أعداد المعزين وتجنب الاقتراحات غير الواقعية التي تؤدي إلى تقليلهم.
2.عدم عزل غير المقتدرين من أهالي شندويل اجتماعيا، فلم تعد وفود العائلات تسعى إلى الرجل الفقير لتعزيته، مما يعني أننا لو تركنا الأمر هكذا سوف يتحول المجتمع الشندويلي بعد فترة إلى طبقتين لا يوجد بينهما أدنى تواصل أو تراحم أو توقير.
3.التخفيف عن الفقير وعدم إلزامه بطريقة تعزية تؤذي مشاعره أو تكلفه بما ﻻ يطيقه من النفقات المالية، وعدم مطالبة من يملك النفقة بترك ما هو عليه من الفرش وهولاء غالبا من أصحاب المناضر، فالمطلوب وضع نظام يعيد التواصل والتراحم لا وضع نظام يزيد من المعاناة والتشرذم.
4.الإبقاء على العزاء كمدرسة لتربية الأجيال على قيم الحب والاحترام والتراحم والتعارف، وكمساحة للتواصل بين أهالي القرية فالعزاء أمسى هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يجمع أهالي شندويل من غير بطاقة دعوى أو كلفة مالية.
(والله من وراء القصد).
(مقال رقم٤)
حل مشكلة التعزية في شندويل (في كلمتين):
الأسلوب العلمي لحل أي مشكلة، يتطلب تحديد جوهر المشكلة بدقة.
السؤال: ما هو جوهر مشكلة العزاء؟
الجواب: جوهر مشكلة العزاء هو جلوس الوفد القادم للتعزية (رجال أو نساء) عند أهل المتوفي.
- فجلوسهم يتطلب أن يعد أهل المتوفي مكانا مناسبا للجلوس وكنب وكراسي.
- وجلوسهم يتطلب نصب صوان في حالة ضيق المكان وهو مكلف.
- وجلوسهم يستلزم استئجار مقرئ ليقرأ ثلاثة عشور لكل وفد.
- وجلب المقرئ يستلزم إخراج صينية الأكل في كل وجبة.
- وجلوسهم يستلزم أن يظل أفراد عائلة المتوفي موجودين ليلا ونهارا ويتركوا وظائفهم.
- وجلوس الحريم بالذات هو مدعاة لهم إلى مسك السير والنميمة.
وإذا انحصرت المشكلة في جلوس الوفد القادم للتعزية، فحل المشكلة باختصار، هو أن نجعل العزاء (على الواقف) يعني (على الماشي)، فيجلس أهل المتوفي في منضرتهم، أو في منضرة بيتهم، أو على ثلاث دكك أمام بيتهم أو في أي مكان يحددونه هم أثناء النداء للجنازة، لمدة 3أيام في جزء من اليوم يحددونه هم أيضا أثناء النداء للجنازة (مثلا من المغرب إلى بعد العشاء) فيأتي أهل البلد من كل حدب وصوب في الوقت المحدد لتقديم التعزية غنيهم وفقيرهم كبيرهم وصغيرهم يعزونهم ثم ينصرفون دون جلوس (على الماشي) وبهذا نكون لسنا بحاجة لا لكنب، ولا لصوان، ولا لمقرئ ولا لطعام وﻻ لترك وظائفنا وأشغالنا لمدة 3 أيام.. ولسنا بحاجة لإلغاء السنة ولا للقضاء على كل مظاهر التواصل والتقدير الحب بين الناس.
ـــــــــــــــــــــــ
ملحوظة: من لديه مكان متسع، ومقدره مالية، ليس لديه مشكلة، فليبق على ما هو عليه.
(فكرة قابلة للتطوير).
(مقال ٥)
التعزية: عادة أم عبادة؟ (موازنة وتوضيح فقهي)
العادة: هي (ما تعارف عليه الناس، وتقوم عليه مصالحهم، وإن لم يرد به نص شرعي) والعادة يمكن تغييرها إذا ترتب عليها الإضرار بمصالح الناس، أو أدت إلى مخالفة الشرع، لأنها تعتبر حينئذ عادة فاسدة.
العبادة: هي (التي شرعها الله لعباده، وأمرهم بالقيام بها، ورتب الثواب على فعلها، والذنب أو اللوم على مخالفتها) وهي تتميز بالثبات وعدم القابلية للتغير.
السؤال: هل التعزية عادة يمكن أن نغيرها، أم عبادة لا يمكن المساس بها؟
الجواب: أن التعزية التي نقوم بها في بلادنا تشتمل على جانبين:
الجانب الأول: عبادة لا يمكن المساس بها: ويتمثل هذا الجانب في القدر المشروع من التعزية، بأن يذهب المسلم إلى أهل المتوفى فيقول لهم: البقاء لله، ويوصيهم بالصبر، ويدعو لهم وللميت، ثم ينصرف. هذا القدر لا يجوز لأحد أن يغيره، أو أن يحدث ما يمنع الناس منه، أو أن يتسبب في تقليل أعداد القائمين به، أو أن يقصره على الرجال دون النساء، وليس لجماعة أن يتفقوا فيما بينهم على أن لا يعزوا هم أحدا أو ألا يعزيهم أحد.
الجانب الثاني: عادات وأعراف تعارف الناس عليها وارتبطت بكيفية أو طريقة التعزية، كأن يتعارف الناس على أن يجلس أهل المتوفي في صوان أو منضرة، وأن يأتوا بمقرئين، وأن يجلس وفد المعزين ليستمعوا لـ 3 عشور من القرآن وأن لا ينصرفوا إلا بعد سماعهم، ونحو ذلك، فهذه كلها عادات يمكن أن تكون حسنة في وقت ما، ويمكن أن نتخلى عنها أو نهذب من شأنها في وقت آخر إذا ترتب عليها إضرار بالناس أو أدت إلى إحجام الناس عن أداء العبادة أو الحيلولة دون التمكين من أدائها.
وهنا لا بد من التنبيه على أمرين مهمين، هما:
1. أن من الخطأ أن ننزل العبادة منزلة العادة فنغيرها، فنقول إن التعزية (التي هي تصبير المصاب والدعاء له) كانت في الزمن السابق وأن الناس قد انشغلت، وأنه ترتب عليها إضرار بأهل المتوفي؛ فنتفق على تركها، أو منع الناس من أدائها، أو أن نمنعها في جانب النساء، أو أن نجعلها في أضيق الحدود، فهذا الأمور جناية على العبادة، وإبطال لها، وكف للناس عنها.
2. أن من الخطأ أن ننزل العادة القابلة للتغيير منزلة العبادة فنثبتها ولو ترتبت عليها مفسدة، فنقول مثلا: لا تصح التعزية إلا بمقرئين، وصوان، وجلوس عند أهل المتوفى لسماع 3 عشور من القرآن، ونحو ذلك من العادات، وأن من يدعوا إلى ترك شيء من ذلك فهو ضال مبتدع، فهذا تضييق على الناس وهو يضر بالعبادة حيث إنه يحمل الناس على الأنفة من أدائها.
لذا ينبغي عدم الخلط في التعزية بين ما هو عادة وما هو عبادة، وينبغي أن نتمسك بالعبادة ونشجع الناس على أدائها، وأن نستحدث للناس من الوسائل ما يحفزهم لأداء العبادة ويسهل لهم القيام بها، وأن نعيد النظر في العادات السابقة التي يمكن أن تضر بالناس فنغيرها تغييرا لا يؤدي إلى عدم القيام بالعبادة أو تقليل القائمين بها، أو قصرها على بعض الناس دون بعض، وأما ما كان من العادات لا ضرر فيه فلنبق عليه أخذا بقاعدة العرف ولا نسعي لتغييره لمجرد الرغبة في التغيير لاسيما إذا كان له فوائد معتبرة.
والله أعلم.
(مقال ٦)
خطورة التغيير المتسرع للعادات
الأعراف الاجتماعية والعادات الحضرية هي في حقيقتها هيئات سلوكية اجتماعية استقرت لارتباطها ووفائها بالمصالح العليا للمجتمعات، ولذا اعتبرها الإسلام مصدرا للتشريع مراعاة لهذه المصالح، كما اعتبرتها الهيئات التشريعية في بعض المجتمعات مصدرا رئيسيا للدساتير، ومن ثم فإننا عندما نحاول تغيير بعض هذه العادات نكون أمام أمر جلل لأننا إن أخطأنا في تحديد ما ينبغي تغييره بدقة، سوف نمس بحاجات المجتمع العليا ومصالحه الضرورية؛ التي يمثل إنهيارها بداية لانهيار المجتمع بأثره.
(مقال ٧)
هل العزاء على المقابر هو السنة؟
لا أدري من أين جاؤوا بمقولة إن العزاء على المقابر هو السنة حيث لم أقف على ما يثبت ذلك، بل رأيت من كلام الفقهاء ما يخالفه، فقد نص العلامة الحصكفي الحنفي في شرحه المسمى (الدرالمختار) على كراهة العزاء على المقابر، قال: (وتكره التعزية ثانيا، وعند القبر) وقد وجه العلامة ابن عابدين في حاشيته على الكتاب المذكور كلام الحصكفي وكلام من قال إن العزاء على المقابر بدعة بتوجيه حسن فقال: ( لعل وجهه أن المطلوب هناك القراءة والدعاء للميت بالتثبيت)!!!. وبناء على كلام العلامة ابن عابدين الحنفي يكون ما نفعله الآن من الوقوف لتلقي العزاء بعد الدفن مخالفا للسنة لأن السنة أن نقف في هذا الوقت للدعاء للميت وليس لتلقي العزاء ... والله أعلم.
(مقال ٨)
هل الجلوس لتقلي العزاء (بدعة)؟ وماذا لو ترتبت عليه ضرر؟
إقامة السرادقات (الفرش) وجلب المقرئ ونحو ذلك مما يفعل في بلادنا كوسيلة لإقامة عبادة التعزية المشروعة، لا بأس به، ما دام الناس قد اعتادوا عليه وصار عرفا سائدا فيهم، وكان مرادهم به إقامة العبادة وحفظ المصالح المشروعة، ولم يترتب عليه ضرر بهم في المال أو في شؤون الحياة، وذلك عملا بقوله صلى الله عليه وسلم (ما رأى المسلمون حسنا، فهو عند الله حسن، وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ ).
ولا يَرُد القول بالجواز أن يقول قائل: إن الجلوس لتلقي العزاء لم يكن مطبقا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم !!!، لأن الشرع لم يحدد طريقة بيعنها للتعزية، بل أمر بالتعزية ثم ترك وسيلة التطبيق ليحددها الناس وفقا لظروفهم، ولأن الجلوس لتلقي العزاء من قبيل الأمور المستحدثة التي وقعت بعد عصر التشريع، وشانها كمثيلاتها من المستحدثات أنها ينظر في حكمها في ضوء قواعد الشريعة، فإن لم تخالف نصا او قاعدة أو مصلحة معتبرة كانت جائزة، ثم إنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم عزا إحدى بناته في ابن لها مراسلة، فاقسمت ليأتينها، فأتاها هو وأصحابه في بيتها.
أما إن ترتب على الفرش ضرر مالي بسبب التكلفة الباهظة او بسبب انقطاع أهل المتوفى عن أعمالهم للجلوس؛ فإن الجلوس باعتباره وسيلة للتعزية يكون حينئذ غير مشروع، لا لذاته بل لما خالطه من الضرر، ولا يعني ذلك أن نقوم بإلغاء العزاء ذاته بحجة أنه قد ترتب ضرر على طريقته التي يتم بها، (بل يجب أن نفرق بين حكم العزاء وبين حكم الطريقة التي يتم بها) فالعزاء سنة والطريقة المضرة غير جائزة، وحينئذ يجب على المصلحين وأهل الشأن أن يدعوا إلى وسيلة أخرى للتعزية غير هذه الوسيلة التي تسببت في الضررعملا بقاعدة (الضرر يزال شرعا) ويشترط في الوسيلة الجديدة أن تكون مشروعة في ذاتها، وألا يترتب عليها المساس بأداء عبادة التعزية، فلا يجوز أن تكون الطريقة الجديدة مزيلة للضرر والعبادة معا، فيترك الناس معها أداء عبادة التعزية أو يقل عدد من يقومون بها إلى نسبة (1%) ممن كانوا يقومون بها من قبل.
أما إن تعين الجلوس وسيلة لقيام الناس بالتعزية المشروعة، بحيث إن وجد الجلوس لتلقي العزاء قام الناس بأداء عبادة التعزية المشروعة وتحققت مقاصدها، وإن لم يوجد الجلوس كف الناس عن أدائها، أو قل عددهم جدا وضاعت مقاصدها، وكذلك إن ارتبطت مجالس التعزية بمصالح كبرى في المجتمع لا يمكن الاستغناء عنها وإلا اضطربت أحوال الناس وتمزقت صلاتهم ووشاع بينهم عدم التوقير والتقدير،،،، ففي هاتين الحالتين يجب علينا أن نبقي على مجالس التعزية حتى نحافظ على أداء العبادة ومقاصدها ومصالح الناس، ولا يجوز لنا إلغاء مجالس العزاء، لأن الجلوس (والوضع هكذا) يصبح هو الوسيلة إلى العبادة فيأخذ حكمها، عملا بالقاعدة التي تقول: (الوسائل تأخذ حكم المقاصد).
وبالرغم من ذلك فإنه يجب علينا -إن اضطررنا إلى الإبقاء على مجالس العزاء لتعينها وسيلة للقيام بالعبادة- أن نسعى بقدر المستطاع إلى رفع ضرر الكلفة وضياع الوقت عمن لحق بهم هذا الضرر (فالناس في ذلك مختلفون فبعضهم يلحقه ضرر والبعض لا يلحقه شيء من ذلك ) فنطبق في جانب من لحقه الضرر (مثلا) ما اقترحته من تحديد وقت لتلقي العزاء في جزء من اليوم (من المغرب إلى الساعة 9 مثلا) فندفع بذلك مضرة ضياع الوقت.
ثم نوصي الوفد القادم للتعزية ألا يجلس عند أهل المتوفي حتى لا يضر بهم، وأن يكون عزاؤه لهم بالتسليم والدعاء للميت وأهله بدون جلوس، أي أن يتم العزاء (على الواقف) لأهل الميت الجالسين أمام منزلهم مثلا إن لم يكن لديهم منضرة، وبهذا نعالج مشكلة تكلفة الفرش (الصوان والكراسي) فإنه لن يكون له داع ما دام الوفد القادم لن يجلس، ونستبدل المقرئ بمسجل قرآن.
وبهذا نكون قد دفعنا عن الناس مضرة التكلفة وضياع الوقت. وحافظنا على التعزية وعلى أداء الناس لها بالأعداد نفسها دون تقليل، ولا يخفى ما في ذلك من الحفاظ على المودة، والمواساة، والتواصل، والتراحم، والتوقير، وجبر الخواطر، والتخفيف عن المصاب، ونشر الحب بين الناس،، وهذه مقاصد شرعية لا يجوز التضحية بها... والله أعلم.
(مقال ٩ )
(ما ذا يعني العتاب على ترك العادات؟)
(لي عليك عتب، أو أنا عاتب عليك) ترتبط هذه العبارة في مجتمعاتنا بالمواقف التي يقع فيها التقصير في جانب العادات دون العبادات، فنقولها لمن أقام عرسا ولم يدعنا، أو وقع عندنا مصاب فلم يعزنا، والحقيقة أنني لن أعبأ هنا بسرد المواقف التي تقال فيها هذه العبارة، ولكن سأحاول البحث عما يكمن خلفها من المعاني والدﻻﻻت، ودعني أهمس إليك بشيء من ذلك....
فالعتاب في حقيقته هو نوع من العقاب الأدبي ينزله أفراد المجتمع على من يخالف ثوابت البناء الاجتماعي وآدابه، أو تغرر به رعوناته ليتمرد على قواعد الضبط الاجتماعي التي تكونت عبر السنين، وهذا النوع من العقاب يقابل العقاب القانوني الذي تفرضه القاعدة القانونية على من يتجاسر على مخالفتها باعتبارها المعبرة عن إرادة المشرع أو المجتمع، غير أن العقوبات القانونية مكتوبة وتقوم على تنفيذها السلطة العامة، وعقوبات العادات غير مدونة ويقوم على تنفيذها أفراد المجتمع.
وعندما يقوم أفراد المجتمع بمعاتبة بعضهم البعض على التقصير في القيام بعادة من العادات الاجتماعية، فإن هذا يعد دليلا يقينيا على أن هذه العادة أصبحت متجذرة في المجتمع، وأنها تمكنت من تكوينه الأدبي والفكري والسلوكي، وأنها ارتبطت بقيمه ومبادئه وثقافته، وأنها نجحت في المحافظة على مصالحه وتحقيق أهدافه وغاياته، وأن المجتمع لا يقبل المساس بها، ليس لكونها عادة ولكن لكونها عماد حياته، ووسيلته إلى تحقيق مآربه.
والعتاب يعطينا معيارا للتميز بين العادات القوية في المجتمع التي ينبغي أن نتوخى الحذر عند المساس بها، والعادات الهشة التي لم ترق إلى هذا المستوى، فكل عادة ارتبطت بعتاب عند التقصير، ينبغي علينا أن نتعامل معها على أنها أساس من أساسيات المجتمع أو أدب راسخ من آدابه، ومن ثم ينبغي أن نحذر من الثورة عليها أو أن نتجاسر لإلغائها، لأن ذلك سيقابل بالرفض، وهذا المعيار مهم جدا لمن يتصدر لعمليات الإصلاح الاجتماعي في قريتنا، حتى لا يصطدم بجدران المجتمع فتتحطم على صفحاتها أفكاره ومبادراته، ويبقى الناس حيال فكرته ما بين رافض للفكرة، أو مضطر إليها لكنه ضائق بها.
(مقال ١٠)
مشاهد منقولة من الثمانينيات بشندويل .. بعدها قولوا آمين
تعرضت قريتنا (شندويل البلد) في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي لموجات عاتية من الجماعات الإسلامية والسلفية، فأحدثت شروخا واضرابات شديدة في القرية ما زال تاثيرها موجودا إلى الآن نتيجة لتأثر البعض بأفكارهم، وقد كان لهذه الجماعات أتباع من الشباب الصغير الغرير المندفع، وقد رأيت منهم من يجاهر بالإفطار في اليوم الـ 30 من رمضان أخذا برؤيا السعودية وتركا للرؤية المصرية، ورأيت منهم من كان يعنف المؤذن ذا الشيبة وينتزع من يده الميكروفون بغلظة، لا لشيء سوى لأن المؤذن يصلي على النبي خلف الآذان، ورأيت منهم من كان يحارب الآذان الأول يوم الجمعة ويصفه بأنه بدعة، ويحارب الاجتماع لإحياء ليلة النصف من شعبان وكأن ذلك جريمة ... إلى غير ذلك مما أسأل الله أن يعافي منه شبابنا اليوم .. قولوا آمين
(ملحوظة: كثير من هؤلاء الشباب الآن عادوا إلى الوسطية وهم نماذج مشرفة في قريتنا)
(مقال ٧)
هل العزاء على المقابر هو السنة؟
لا أدري من أين جاؤوا بمقولة إن العزاء على المقابر هو السنة حيث لم أقف على ما يثبت ذلك، بل رأيت من كلام الفقهاء ما يخالفه، فقد نص العلامة الحصكفي الحنفي في شرحه المسمى (الدرالمختار) على كراهة العزاء على المقابر، قال: (وتكره التعزية ثانيا، وعند القبر) وقد وجه العلامة ابن عابدين في حاشيته على الكتاب المذكور كلام الحصكفي وكلام من قال إن العزاء على المقابر بدعة بتوجيه حسن فقال: ( لعل وجهه أن المطلوب هناك القراءة والدعاء للميت بالتثبيت)!!!. وبناء على كلام العلامة ابن عابدين الحنفي يكون ما نفعله الآن من الوقوف لتلقي العزاء بعد الدفن مخالفا للسنة لأن السنة أن نقف في هذا الوقت للدعاء للميت وليس لتلقي العزاء ... والله أعلم.
(مقال ٨)
هل الجلوس لتقلي العزاء (بدعة)؟ وماذا لو ترتبت عليه ضرر؟
إقامة السرادقات (الفرش) وجلب المقرئ ونحو ذلك مما يفعل في بلادنا كوسيلة لإقامة عبادة التعزية المشروعة، لا بأس به، ما دام الناس قد اعتادوا عليه وصار عرفا سائدا فيهم، وكان مرادهم به إقامة العبادة وحفظ المصالح المشروعة، ولم يترتب عليه ضرر بهم في المال أو في شؤون الحياة، وذلك عملا بقوله صلى الله عليه وسلم (ما رأى المسلمون حسنا، فهو عند الله حسن، وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ ).
ولا يَرُد القول بالجواز أن يقول قائل: إن الجلوس لتلقي العزاء لم يكن مطبقا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم !!!، لأن الشرع لم يحدد طريقة بيعنها للتعزية، بل أمر بالتعزية ثم ترك وسيلة التطبيق ليحددها الناس وفقا لظروفهم، ولأن الجلوس لتلقي العزاء من قبيل الأمور المستحدثة التي وقعت بعد عصر التشريع، وشانها كمثيلاتها من المستحدثات أنها ينظر في حكمها في ضوء قواعد الشريعة، فإن لم تخالف نصا او قاعدة أو مصلحة معتبرة كانت جائزة، ثم إنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم عزا إحدى بناته في ابن لها مراسلة، فاقسمت ليأتينها، فأتاها هو وأصحابه في بيتها.
أما إن ترتب على الفرش ضرر مالي بسبب التكلفة الباهظة او بسبب انقطاع أهل المتوفى عن أعمالهم للجلوس؛ فإن الجلوس باعتباره وسيلة للتعزية يكون حينئذ غير مشروع، لا لذاته بل لما خالطه من الضرر، ولا يعني ذلك أن نقوم بإلغاء العزاء ذاته بحجة أنه قد ترتب ضرر على طريقته التي يتم بها، (بل يجب أن نفرق بين حكم العزاء وبين حكم الطريقة التي يتم بها) فالعزاء سنة والطريقة المضرة غير جائزة، وحينئذ يجب على المصلحين وأهل الشأن أن يدعوا إلى وسيلة أخرى للتعزية غير هذه الوسيلة التي تسببت في الضررعملا بقاعدة (الضرر يزال شرعا) ويشترط في الوسيلة الجديدة أن تكون مشروعة في ذاتها، وألا يترتب عليها المساس بأداء عبادة التعزية، فلا يجوز أن تكون الطريقة الجديدة مزيلة للضرر والعبادة معا، فيترك الناس معها أداء عبادة التعزية أو يقل عدد من يقومون بها إلى نسبة (1%) ممن كانوا يقومون بها من قبل.
أما إن تعين الجلوس وسيلة لقيام الناس بالتعزية المشروعة، بحيث إن وجد الجلوس لتلقي العزاء قام الناس بأداء عبادة التعزية المشروعة وتحققت مقاصدها، وإن لم يوجد الجلوس كف الناس عن أدائها، أو قل عددهم جدا وضاعت مقاصدها، وكذلك إن ارتبطت مجالس التعزية بمصالح كبرى في المجتمع لا يمكن الاستغناء عنها وإلا اضطربت أحوال الناس وتمزقت صلاتهم ووشاع بينهم عدم التوقير والتقدير،،،، ففي هاتين الحالتين يجب علينا أن نبقي على مجالس التعزية حتى نحافظ على أداء العبادة ومقاصدها ومصالح الناس، ولا يجوز لنا إلغاء مجالس العزاء، لأن الجلوس (والوضع هكذا) يصبح هو الوسيلة إلى العبادة فيأخذ حكمها، عملا بالقاعدة التي تقول: (الوسائل تأخذ حكم المقاصد).
وبالرغم من ذلك فإنه يجب علينا -إن اضطررنا إلى الإبقاء على مجالس العزاء لتعينها وسيلة للقيام بالعبادة- أن نسعى بقدر المستطاع إلى رفع ضرر الكلفة وضياع الوقت عمن لحق بهم هذا الضرر (فالناس في ذلك مختلفون فبعضهم يلحقه ضرر والبعض لا يلحقه شيء من ذلك ) فنطبق في جانب من لحقه الضرر (مثلا) ما اقترحته من تحديد وقت لتلقي العزاء في جزء من اليوم (من المغرب إلى الساعة 9 مثلا) فندفع بذلك مضرة ضياع الوقت.
ثم نوصي الوفد القادم للتعزية ألا يجلس عند أهل المتوفي حتى لا يضر بهم، وأن يكون عزاؤه لهم بالتسليم والدعاء للميت وأهله بدون جلوس، أي أن يتم العزاء (على الواقف) لأهل الميت الجالسين أمام منزلهم مثلا إن لم يكن لديهم منضرة، وبهذا نعالج مشكلة تكلفة الفرش (الصوان والكراسي) فإنه لن يكون له داع ما دام الوفد القادم لن يجلس، ونستبدل المقرئ بمسجل قرآن.
وبهذا نكون قد دفعنا عن الناس مضرة التكلفة وضياع الوقت. وحافظنا على التعزية وعلى أداء الناس لها بالأعداد نفسها دون تقليل، ولا يخفى ما في ذلك من الحفاظ على المودة، والمواساة، والتواصل، والتراحم، والتوقير، وجبر الخواطر، والتخفيف عن المصاب، ونشر الحب بين الناس،، وهذه مقاصد شرعية لا يجوز التضحية بها... والله أعلم.
(مقال ٩ )
(ما ذا يعني العتاب على ترك العادات؟)
(لي عليك عتب، أو أنا عاتب عليك) ترتبط هذه العبارة في مجتمعاتنا بالمواقف التي يقع فيها التقصير في جانب العادات دون العبادات، فنقولها لمن أقام عرسا ولم يدعنا، أو وقع عندنا مصاب فلم يعزنا، والحقيقة أنني لن أعبأ هنا بسرد المواقف التي تقال فيها هذه العبارة، ولكن سأحاول البحث عما يكمن خلفها من المعاني والدﻻﻻت، ودعني أهمس إليك بشيء من ذلك....
فالعتاب في حقيقته هو نوع من العقاب الأدبي ينزله أفراد المجتمع على من يخالف ثوابت البناء الاجتماعي وآدابه، أو تغرر به رعوناته ليتمرد على قواعد الضبط الاجتماعي التي تكونت عبر السنين، وهذا النوع من العقاب يقابل العقاب القانوني الذي تفرضه القاعدة القانونية على من يتجاسر على مخالفتها باعتبارها المعبرة عن إرادة المشرع أو المجتمع، غير أن العقوبات القانونية مكتوبة وتقوم على تنفيذها السلطة العامة، وعقوبات العادات غير مدونة ويقوم على تنفيذها أفراد المجتمع.
وعندما يقوم أفراد المجتمع بمعاتبة بعضهم البعض على التقصير في القيام بعادة من العادات الاجتماعية، فإن هذا يعد دليلا يقينيا على أن هذه العادة أصبحت متجذرة في المجتمع، وأنها تمكنت من تكوينه الأدبي والفكري والسلوكي، وأنها ارتبطت بقيمه ومبادئه وثقافته، وأنها نجحت في المحافظة على مصالحه وتحقيق أهدافه وغاياته، وأن المجتمع لا يقبل المساس بها، ليس لكونها عادة ولكن لكونها عماد حياته، ووسيلته إلى تحقيق مآربه.
والعتاب يعطينا معيارا للتميز بين العادات القوية في المجتمع التي ينبغي أن نتوخى الحذر عند المساس بها، والعادات الهشة التي لم ترق إلى هذا المستوى، فكل عادة ارتبطت بعتاب عند التقصير، ينبغي علينا أن نتعامل معها على أنها أساس من أساسيات المجتمع أو أدب راسخ من آدابه، ومن ثم ينبغي أن نحذر من الثورة عليها أو أن نتجاسر لإلغائها، لأن ذلك سيقابل بالرفض، وهذا المعيار مهم جدا لمن يتصدر لعمليات الإصلاح الاجتماعي في قريتنا، حتى لا يصطدم بجدران المجتمع فتتحطم على صفحاتها أفكاره ومبادراته، ويبقى الناس حيال فكرته ما بين رافض للفكرة، أو مضطر إليها لكنه ضائق بها.
(مقال ١٠)
مشاهد منقولة من الثمانينيات بشندويل .. بعدها قولوا آمين
تعرضت قريتنا (شندويل البلد) في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي لموجات عاتية من الجماعات الإسلامية والسلفية، فأحدثت شروخا واضرابات شديدة في القرية ما زال تاثيرها موجودا إلى الآن نتيجة لتأثر البعض بأفكارهم، وقد كان لهذه الجماعات أتباع من الشباب الصغير الغرير المندفع، وقد رأيت منهم من يجاهر بالإفطار في اليوم الـ 30 من رمضان أخذا برؤيا السعودية وتركا للرؤية المصرية، ورأيت منهم من كان يعنف المؤذن ذا الشيبة وينتزع من يده الميكروفون بغلظة، لا لشيء سوى لأن المؤذن يصلي على النبي خلف الآذان، ورأيت منهم من كان يحارب الآذان الأول يوم الجمعة ويصفه بأنه بدعة، ويحارب الاجتماع لإحياء ليلة النصف من شعبان وكأن ذلك جريمة ... إلى غير ذلك مما أسأل الله أن يعافي منه شبابنا اليوم .. قولوا آمين
(ملحوظة: كثير من هؤلاء الشباب الآن عادوا إلى الوسطية وهم نماذج مشرفة في قريتنا)
(والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق