الرحلة السلطانية وتوقف الباخرة الملكية في شندويلتمثل زيارة الملك فؤاد الأول لقرية شندويل سنة 1921م واحدة من أبرز المحطات التاريخية التي سجلتها كتب العصر الحديث. وقد وثّق هذه الزيارة المؤرخ الشاعر عبد الحليم حلمي إسماعيل المصري في كتابه الرحلة السلطانية وتاريخ السلطنة المصرية، ناقلًا تفاصيلها الدقيقة، وما شهدته القرية من احتفاء كبير بالملك وضيوفه. ويعرض هذا المقال نصَّ الباحث مختار محمد علي شافعين الأنصاري كما ورد، مع إعادة تنسيق علمي يناسب معايير التوثيق والقراءة التاريخية. |
| الشيخ محمد عبدالله القاضي الشندويلي يلقي كلمة أمام الملك |
بداية الزيارة واستجابة الملك للدعوة
هذه الزيارة أرخ لها المؤرخ الشاعر/ عبد الحليم حلمي إسماعيل المصري، في كتابه [الرحلة السلطانية وتاريخ السلطنة المصرية قديما وحديثا، طبعة: مطبعة مطر، ص 66] .
ومما جاء في هذا الكتاب أن هذه الزيارة تزامنت مع الرحلة النيلية التي قام بها الملك فؤاد الأول لتفقد مديريات الصعيد من القطر المصري، فعندما شارفت الباخرة (أرابيا) على مياه شندويل، تقدم مدير جرجا بعرض طلب التشريف بالزيارة المقدم من محمود بك محمد حسن الشندويلي (حصل على رتبة الباشوية بعد ذلك) ، فوافق الملك على قبول الدعوة.
استعدادات محمود باشا الشندويلي لاستقبال الملك
![]() |
| محمود باشا الشندويلي بن محمد بك الوكيل |
وكان الباشا الشندويلي قد أعد العدة لاستقبال الملك فأقام الزينة على جانبي النيل قبالة شندويل لمسافة (5كم) وأقام مرسى خاصا لترسو به الباخرة وسرادقا كبيرا للاستقبال، وأعد الذبائح والمكرمات وواجبات الضيافة للملك وحاشيته ومن حضر، فنزل الملك عند (الساعة 5م) من يوم الثلاثاء (18 /1/ 1921م) ليقضي في شندويل ليلته كاملة إلى صباح اليوم التالي. وكان قد اجتمع لاستقباله أعيان القرية وما جاورها من بلدان بالإضافة إلى وجهاء مديرية جرجا ومن بينهم: مصطفى باشا أبو رحاب (من أعيان العسيرات).
وممن كان في مقدمة مستقبلي الملك على المرسى من أبناء شندويل والمرتبطين بها:
- محمود باشا الشندويلي، وعمه سيد بك حسن وأعيان أبناء حسن بك عبد المنعم.
- الاميرلاي محمد بيك غالب صديق شافعين الشندويلي.
- محمد بك عبد الهادي الجندي (ولعله العم الأعلى لأبناء السيد متولي عزب)،ولد ومات بالقاهرة وحصل على الباشوية، وتولي منصب وكيل مجلس النواب، وتولى وزارة الأوقاف سنة (1942م) في وزارة النحاس باشا لكنه توفي سنة (1944م). وله كتابان مشهورات هما:
(التشريع وواجب المشرع ) و (التعليقات الجديدة على قانون العقوبات الأهلي) وفيه كتب مطران خليل مطران قصيدة (القاضي العادل).
انظر ترجمته في:
الأعلام: خير الدين الزركلي 6/254
معجم المؤلفين: عمر رضا كحالة 10/262
ديوان الخليل: مطران خليل مطران ص299
مذكرات إسماعيل صدقي باشا ص31
مراسم الاستقبال في السرادق الملكي
وعند نزول الملك إلى السرادق المقام على شرفه، أطلقت المدافع، وأديت التحية العسكرية، وعزف السلام السلطاني، وارتفعت أعلام الطرق الصوفية التي حضرت المشهد، وتليت آيات القرآن الكريم، وألقىت الخطب، ثم ألقى الاميرلاي غالب بك شافعين الكلمة نيابة عن الباشا الشندويلي.
فأجاب المالك قائلا: (إنني ممتن جدا للحفاوة الكبرى التي قوبلت بها هنا وفي بلاد هذه المديرية سائلا الله أن يديم اتحادنا).
انظر كتاب [الرحلة السلطانية وتاريخ السلطنة المصرية، عبد الحليم المصري، ص 67] .
دلالات الزيارة وعلاقة الباشا الشندويلي بالقصر الملكي
تدل هذه هذه الزيارة على قوة العلاقة بين محمود باشا الشندويلي والقصر الملكي آنذاك، حيث إن شندويل هي البلدة الوحيدة التي نزل بها الملك بعد أسيوط، ويبدو أن هذه العلاقة كانت علاقة قديمة، فقد أشار علي مبارك باشا في خططه إلى أن الخديوي إسماعيل (والد الملك فؤاد) هو الذي منح (حسن بك عبد المنعم) جد الباشا الشندويلي، رتبة الاميرلاي بعد تقاعده من نظارة مركز طهطا، وأعاده لتولي منصب عضو بمجلس الاستئناف بأسيوط (محكمة الاستئناف) وهو الذي عين ابنه/ محمد بك حسن، وكيلا لمديرية جرجا في (25 / 10/ 1871م) ثم قنا، ولهذا يقال لأحفادة إلى اليوم (بيت الوكيل) وقد تولى جملة من ابناء حسن بك عبد المنعم عضوية المجالس النيابية منهم: ضيف الله حسن (1870م) و سيد بك حسن عضوية مجلس النواب (1925م) وكثير بعدهم.
انظر: [كتاب الخطط التوفيقية: علي مبارك باشا، 12 / 137] وانظر [تاريخ الحياة النيابية في مصر من عهد ركن الجناب العالي محمد علي باشا: محمد خليل صبحي، 6/ 117]
إن زيارة الملك فؤاد لشندويل سنة 1921م ليست حدثًا عابرًا، بل محطة تاريخية أضاءت مكانة القرية في ذلك الزمن، وأظهرت قوة رجالها وعلاقاتهم الرفيعة بالدولة. وهي شهادة ثابتة على الدور الاجتماعي والسياسي الذي لعبته عائلات شندويل في تاريخ الصعيد ومصر الحديثة.
مع تحياتي، الباحث/ مختار محمد علي الشندويلي الأنصاري
ملحوظة: يعتمد الباحث على المراجع المطبوعة فقط، ولا يعتمد على الروايات الشفهية. أما الصور فهي من مشاركات الأحفاد.






ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق